جنيف من نوع آخر

على وقع المعارك الدائرة في سوريا، تتسارع المساعي لعقد مؤتمر جنيف 2 الذي من المفترض أن يجمع بين طرفي النزاع بهدف وضع خارطة طريق للخروج من الأزمة.

المؤتمر سيتناول قضايا تتعلق بالعملية السياسية بعد الإتفاق، أي شكل النظام الذي سيحكم سوريا في المرحلة المقبلة. وطالما أنه من الواضح أن الاتفاق لن يكون الا حول ذلك، فإنه لا بد لنا منذ الأن البدء بالتحضير لجنيف من نوع آخر.

فنحن بحاجة لجنيف يعيدنا الى سوريا ما قبل الطائفية والمذهبية التي باتت اليوم جزءا من الهوية السورية. جنيف يعيدنا الى ما قبل نبش قبور الصحابة وتدمير الكنائس والمساجد.

نحن بحاجة الى جنيف يعيد البراءة الى عيون الاطفال الذين دفعوا ثمن الحرب الضروس.جنيف يعيد الأرواح إلى الشهداء الذين سقطوا في حرب لا ذنب لهم فيها. هم أولئك الذين سلخت جلودهم عن جماجمهم ونزعت أدمغتهمم بالسكاكين وتعرضوا لقطع الرقاب والاغتصاب والإبادة بالكميائي.

نحن بحاجة لجنيف يعيد سوريا لتاريخها العتيق الذي ذهب مع الريح. جنيف يعيد الحمام الى ساحات دمشق، ويعيد لنا الآثارات التي دمرت ونهبت.

بإختصار نحن بحاجة لجنيف يعيد المحبة والطمأنينة الى قلوب السوريين. السوريون الذين اصبحوا يكرهون بعضهم بعضا بعد أن قتلوا بعضهم بعضا. هو جنيف بعيد عن المكاسب التي لا يجنيها إلا الكبار. إنه جنيف من نوع آخر.

قد يقول أحدهم: "ما هذا الكلام؟ إن الأزمة في سوريا أكبر بكثير". نقول لهذا الأحد: " لا بأس فقط إرجع إلى الامس القريب". فعام 1975 إندلعت حرب بين اللبنانيين لا تزال تداعياتها قائمة حتى اليوم وستستمر على رغم من توقيع إتفاق الطائف. 


بلال نور الدين. 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مالك مكتبي.. التمثيل يليق به أكثر

عن بلد العجائب لبنان..

السودان: حظوظ نجاح الثورة الشعبية